فصل: وفاة مشرف الدولة وولاية أخيه جلال الدولة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن وحشة الأكراد وفتنة الكوفة.

كان الأثير عنبر الخادم مستوليا في دولة مشرف الدولة الوزير أبي القاسم المغربي عديله في حملها فنقم الأتراك عليهما وطلب من مشرف الدولة الخراج من بغداد خوفا على أنفسهما فخرج معهما غضبا على الأتراك ونزلوا على قرواش بالسندية واستعظم الأتراك ذلك وبعثوا بالإعتذار والرغبة وقال أبو القاسم المغربي دخل بغداد إنما هو وأربعمائة ألف وخرجها ستمائة فاتركوا مائة وأحتمل مائة فأجابوه إلى ذلك خداعا وشعر بوصولهم فهرب لعشرة أشهر من وزارته ثم كانت فتنة الكوفة بين العلوية والعباسية وكان لأبي القاسم المغربي صهر وصداقة في العلوية فاستعدى العباسيون المغربي عليهم فلم يعدهم لمكان المغربي وأمرهم بالصلح فرجعوا إلى الكوفة واستمد كل واحد منهم خفاجة فأمدوهم وافترقوا عليهم واقتتل العلوية والعباسية فغلبهم العلوية ولحقوا ببغداد ومنعوا الخطبة يوم الجمعة وقتلوا بعض قرابة العلوية الذين بالكوفة فعهد القادر للمرتضى أن يصرف أبا الحسن علي بن أبي طالب ابن عمر عن نقابة الكوفة ويردها إلى المختار صاحب العباسية وبلغ ذلك المغريبي عند قرواش بسر من رأى فشرع في إرغام القادر وبعث القادر إلى قرواش بطرده فلحق بابن مروان في ديار بكر.

.وفاة مشرف الدولة وولاية أخيه جلال الدولة.

ثم توفي مشرف الدولة أبو علي بن بهاء الدولة سنة ست عشرة في ربيع لخمس سنين من ملكه وولى مكانه بالعراق أخوه أبو طاهر جلال الدولة صاحب البصرة وخطب له ببغداد واستقدم فبلغ واسط ثم عاد إلى البصرة فقطعت خطبته وخطب ببغداد في شوال لابن أخيه كاليجار بن سلطان الدولة وهو بخوزستان يحارب عمه أبا الفوارس صاحب كرمان وسمع جلال الدولة بذلك فبادر إلى بغداد ومعه وزيره أبو سعد ابن ماكولا ولقيه عسكرها فردوه أقبح رد ونهبوا خزائنه فعاد إلى البصرة واستحثوا أبا كاليجار فتباطأ لشغله بحرب عمه وسار إلى كرمان لقتال عمه فملكها واعتصم عمه بالجبال ثم تراسلا واصطلحا على أن تبقى كرمان لأبي الفوارس وتكون بلاد فارس لأبي كاليجار.

.قدوم جلال الدولة إلى بغداد.

ولما رأى الأتراك اختلال الأحوال وضعف الدولة بفتنة العامة وتسلط العرب والأكراد بحصار بغداد وطمعهم فيها وأنهم بقوا فوضى وندموا على ما كان منهم في رد جلال الدولة اجتمعوا إلى الخليفة يرغبون إلى أن يحضر جلال الدولة من البصرة ليقيم أمر الدولة فبعث إليه القاضي أبا جعفر السمناني بالعهد عليه وعلى القواد فسار جلال الدولة إلى بغداد في جمادى من سنة ثمان عشرة وركب الخليفة في الطيار لتلقيه فدخل ونزل التجيبي وأمر بضرب الطبل في أوقات الصلوات ومنعه الخليفة من ذلك فقطعه مغاضبا ثم أذن له الخليفة فيه فأعاده وأرسل مؤيد الملك أبا علي الرخجي إلى الأثير عنبر الخادم عند قرواش يستدعيه يعتذر عن الأتراك ثم شغب الأتراك عليه سنة تسع عشرة وحاصروه بداره وطلبوا من الوزير أبي علي بن ماكولا أرزاقهم ونهبوا دوره ودور الكتاب والحواشي وبعث القادر من أصلح بينهم وبينه فسكن شغبهم ثم خالفوا أبا كاليجار بن سلطان الدولة إلى البصرة فملكها ثم ملك كرمان بعد وفاة صاحبها قوام الدولة أبي الفوارس بن بهاء الدولة كما نذكر في أخبارهم في دولتهم عند إفرادها بالذكر فنستوفي أخبارهم ودول سائر بني بويه وبني وشمكير وبني المرزبان وغيرهم من الديلم في النواحي.

.مسير جلال الدولة إلى الأهواز.

كان نور الدولة دبيس بن علي بن مزيد صاحب الحلة ولم تكن الحلة يومئذ بمدينة قد خطب لأبي كاليجار لمضايقة المقلد بن أبي الأغر الحسن بن مزيد وجمع عليه منيعا أمير بني خفاجة وعساكر بغداد فخطب هو لأبي كاليجار واستدعاه لملك واسط وبها الملك العزيز ابن جلال الدولة فلحق بالنعمانية وتركها وضيق عليه نور الدولة من كل جهة فتفرق ناس من أصحابه وهلك الكثير من أثقاله واستولى أبو كاليجار على واسط ثم خطب له في البطيحة وأرسل إلى قرواش صاحب الموصل وعنده الأثير عنبر يستدعيهما إلى بغداد فانحدر عنبر إلى الكحيل ومات به وقعد قرواش وجمع جلال الدولة عساكره ببغداد واستمد أبا الشوك وغيره وانحدر إلى واسط وأقام هنالك من غير قتال وضاقت عليه الأحوال واعتزم أبو كاليجار على مخالفته إلى بغداد وجاءه كتاب أبي الشوك بزحف عساكر محمود بن سبكتكين إلى العراق ويشير بالصلح والاجتماع لمدافعتهم فأنفذ أبو كاليجار الكتاب لجلال الدولة فلم ينته عن قصده ودخل الأهواز فنهبها وأخذ من دار الإمارة مائتي ألف دينار واستباح العرب والأكراد سائر البلد وحمل حريم كاليجار إلى بغداد سبيا فماتت أمه في الطريق وسار أبو كاليجار لاعتراض جلال الدولة وتخلف عنه دبيس لدفع خفاجة عن أصحابه واقتتلوا في ربيع سنة إحدى وعشرين ثلاثة أيام فانهزم أبو كاليجار وقتل من أصحابه ألفان ودبيس لما فارق أبا كاليجار وصل إلى بلده وجمع إليه جماعة من قومه وكانوا منتقضين عليه بالجامعين فأوقع بهم وحبس منهم وردهم إلى وفاقه ثم لقي المقلد بن أبي الأغر وعساكر جلال الدولة فانهزم أمامهم وأسر جماعة من أصحابه وسار منهزما إلى أبي سنان غريب بن مكين فأصلح حاله مع جلال الدولة وأعاده إلى ولايته على ضمان عشرة آلاف دينار وسمع بذلك المقلد فجمع خفاجة ونهبوا النيل وسورا وأحرقوا منازلها ثم عبر المقلد إلى أبي الشوك فأصلح أمره مع جلال الدولة ثم بعث جلال الدولة سنة إحدى وعشرين عسكره إلى المدار فملكها من يد أصحاب أبي كاليجار واستباحوها وبعث أبو كاليجار عسكره لمدافعتهم فهزموهم وثار أهل البلد بهم فقتلوهم ولحق من نجا منهم بواسط وعادت المدار إلى أبي كاليجار.